×
محافظة المنطقة الشرقية

القراء أولًا.. ومعرض جدة يؤكد المعنى

صورة الخبر

في كلِّ دورة جديدة، يثبتُ معرضُ جدَّة الدولي للكتاب، أنَّ الثقافة لم تفقد بريقها، وأنَّ الكتاب ما زال قادرًا على أنْ يكون نقطة التقاء بين مختلف فئات المجتمع. المشهد هذا العام كان مختلفًا ومطمئنًا، ازدحام جميل، وجوه متنوِّعة، وأيدٍ تمتدُّ نحو الكتب بشغفٍ حقيقيٍّ. لم يكن الحضور مجرَّد أرقامٍ، بل حالة وعي تؤكِّد أنَّ القراءة لم تعدْ نشاطًا نخبويًّا، بل ممارسة مجتمعيَّة تنمو بثباتٍ. ما يلفت النظر في المعرض، ليس فقط تنوُّع العناوين، أو ثراء الفعاليَّات، بل هذا الانسجام الإنساني، الذي يصنعه الكتاب. عائلات جاءت بأطفالها، شباب يبحثُون عن ذواتهم بين الصفحات، وكتَّاب يتبادلُون التجارب والابتسامات. كلُّ ذلك يمنحك شعورًا بأنَّ المستقبل الثقافيَّ بخيرٍ، وأنَّ الأملَ لا يزال حاضرًا بقوَّةٍ. ورغم غيابي عن توقيع رواياتي هذا العام؛ بسبب الانشغال، إلَّا أنَّني لم أكنْ بعيدةً عن المعرض روحيًّا. فقد وصلتني العديد من الرسائل والاستفسارات من متابعين، تساءلُوا عنِّي، وكان لافتًا حجم الاهتمام، والحرص على السؤال. وعندما كنتُ أتابع حفلات توقيع الروائيِّين ونجاحهم هناك، أشعرُ بأنَّني نجحتُ معهم؛ فنجاحهم من نجاحي، وفرحهم امتداد لفرحي؛ لأنَّنا في النهاية ننتمي إلى المشهدِ ذاته، ونحمل الهدف نفسه. ولهؤلاء الذين سألوا عنِّي، وتواصلُوا بمحبَّة صادقة، أستحضرُ عبارةً قالها الممثِّل العالميُّ جوني ديب، ودائمًا ما كنتُ أكتبُها في تغريداتِي، عندما قالَ في إحدى مقابلاته: «أنتُم عائلتِي». عبارة أُؤمن بها بعمقٍ؛ لأنَّ المتابعِينَ ليسوا أرقامًا، ولا حضورًا عابرًا، بل عائلة ثقافيَّة تشارك الشخصيَّة العامَّة رحلته، وتمنح أعماله معناها الحقيقيَّ. المُتابع لا يطلبُ تعقيدًا، ولا تكلُّفًا، بل صدقًا، واحترامًا، واستمراريَّة. المحبُّ الحقيقيُّ لا يبحثُ عن صورةٍ، أو لحظةٍ عابرةٍ، بل عن أثرٍ باقٍ، ونصٍّ صادقٍ. ولهذا أرى أنَّ على بعض المشاهير أنْ يقدِّمُوا ما يليق بمحبِّيهم، وأنْ يدركُوا أنَّ الثقة مسؤوليَّة، وأنَّ كلَّ ما يُقدَّم للجمهور يبقى محسوبًا عليهم، قبل أنْ يكون لهم. فالمتابعة أمانة، والكلمة موقف. * من النافذة: قدِّم كلَّ ما هو جميل لمتابعِيكَ، وكُنْ صادقًا معهُم؛ فالأثرُ الحقيقيُّ لا تصنعُهُ الأضواءُ، بل ما تتركُه في القلوبِ.