أقف وأنا أكتب عن الرياض، أشعر بأنني جزء من لوحة أكبر، لوحة تجمع الحضارات، وتؤمن بأن العالم -رغم ضجيجه واختلافه- يمكن أن يكون مكانًا أفضل.. لوحة تؤكد أن الحوار هو ضرورة، وأن التعايش خيار إنساني، وأن التطرف لا يقف طويلًا أمام نور الفكرة الصادقة.. هنا، في قلب العاصمة النبيلة التي تحتضن العالم بأسره، تفتح ذراعيها لمعنى أعمق، لمعنى أن تكون المدينة منصة للإنسان، وجسرًا بين الشعوب.. وتحت سماء العاصمة النابضة بالحياة، يرأس المنتدى الدولي لتحالف الأمم المتحدة للحضارات في نسخته الحادية عشرة، من قبل صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، وزير الخارجية، حدث يحمل بين طياته إنجازات عقدين من الحوار العالمي، ويستشرف برؤية واثقة ملامح الطريق إلى المستقبل، وفي كلمته، أكد سموه أن استضافة المملكة لهذا المنتدى هي امتداد طبيعي لدعمها المتواصل للجهود الأممية الرامية إلى تعزيز الحوار والتسامح والتعايش المشترك بين الحضارات والثقافات، وأشار إلى أن رؤية المملكة 2030 نهج حضاري يقوم على الاعتدال، والانفتاح على العالم، ومواجهة خطاب الكراهية والتطرف بالفكر، وبالوعي، وبالإنسان، كما وضح سموه أن هذا اللقاء العالمي هو فرصة لمراجعة منجزات العقدين الماضيين، وتبادل الآراء حول أفضل السبل لإدارة التنوع والاختلاف، وبناء جسور التواصل بين الأديان والثقافات. وأكثر ما يبهج القلب في هذا المشهد، هو حضور الشباب، قادة المستقبل، ورسل السلام، الذين تلمع في عيونهم ملامح عالم جديد أكثر انسجامًا. وفي القاعة اجتمعت القمم معالي الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريش، والممثل السامي لمنتدى الأمم المتحدة لتحالف الحضارات السيد ميغيل موراتينوس، ووزراء خارجية الدول الشقيقة والصديقة، وقيادات سياسية ودينية، ورؤساء منظمات دولية، وممثلون عن المجتمع المدني، حيث أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن استضافة المملكة العربية السعودية لأعمال المنتدى العالمي الحادي عشر لـ تحالف الأمم المتحدة للحضارات تجسّد رمزية عميقة، إذ يجتمع العالم على أرض ذات مكانة دينية وروحية كبيرة، بالتزامن مع الذكرى العشرين لتأسيس تحالف الحضارات، وبلا شك، يُعد تحالف الحضارات إستراتيجية إنسانية وثقافية وسياسية، تجعل من التنوّع قوةً ومن الحوار جسراً يربط بين الشعوب ويغذي روح الإنسانية المشتركة. وفي هذا السياق، تتألق المملكة العربية السعودية كأرض تحمل ثقل التاريخ وعراقة الحضارات وكيان حي ينبض بالسلام والتسامح، حيث تتلاقى القيم الإنسانية مع العمق الروحي وتتجاوز حدود المكان لتصبح حضناً حقيقياً يحتضن كل الإنسانية، وأفقاً واسعاً يمتد لكل قلب يبحث عن السلام، وعيون تتوق لرؤية الآخر، وأرواح تبحث عن التلاقي، لتبقى المملكة العربية السعودية رمزًا للحوار، ومنارةً للتسامح، وجسرًا بين الشعوب، وملاذًا لكل من يريد أن يعيش الإنسانية بمعناها الكامل.