حذر محللون للشأن العراقي من أن النخبة السياسية الشيعية في بغداد لم تتعلم الدرس بشأن حل القضايا التي تؤرق أهل السُّنَّة المُهمَّشِين بالعراق كإشراكهم في حكم البلد مثلاً، وهي المسألة التي تعزز الغضب السُّنّي وتساهم بانتشار نفوذ تنظيم الدولة. ويقول هؤلاء المحللون لصحيفة كريستيان ساينس مونتر الأميركية: إن التفكير السياسي العراقي يختلف عن التفكير العسكري، فبعد هزيمته على يد300 مقاتل بالموصل قبل عامين، تعلم الجيش العراقي الدرس وطبقه في معارك متعاقبة قبل معركة الموصل، مثل نشر قوات فيدرالية وليست طائفية داخل المدن السُّنِّية فيما تحمي البشمرجة القرى المحيطة بها. وأكد المحللون أنه ما لم تُحلّ هذه القضايا فإن السخط السني قد يلغي المكاسب العسكرية التي أحرزها شيعية بغداد ضد تنظيم الدولة في الموصل، ولن يحول أيضاً دون إعادة تكون تنظيمات مشابهة لتنظيم الدولة معتمدة على أوجاع السُّنَّة. توبي دودج خبير الشأن العراقي بكلية لندن للاقتصاد في بريطانيا يعتقد أن العالم «سيرى ظهور تنظيم الدولة خلال شهور من تحرير الموصل، والسبب في ذلك أن أسباب ضعف الدولة العراقية وانتفاء الشرعية عنها وإقصاءها للسُّنَّة لم تتغير». ويشرح دودوج أبعاد الأزمة في العراق بالقول: إن الميول الطائفية للجماعات الرئيسية في العراقية تعاني جموداً، مشيراً إلى أن حكومة بغداد قصيرة النظر فهي تبحث فقط عن نصر بالموصل وإعادة الأمور إلى طبيعتها، نافياً أن يكون هناك خطة لإعادة دمج السياسيين السُّنَّة. وتقول ساينس مونتر: إنه ورغم تفوق التحالف المناهض لتنظيم الدولة في العدد بنسبة 25 إلى واحد، إذ يقدر عدد مقاتليه في الموصل بنحو 6 آلاف يدافعون عن مدينة تعدداها مليون، لا تزال المخاوف موجودة بشأن الخطة السياسية التي ستطبق في المدينة بعد هزيمة التنظيم. يقول ريناد منصور محلل الشأن العراقي بمركز تشاتام هاوس: إن معركة الموصل ليست عسكرية فقط، فالأخيرة محدد التفاصيل لإزاحة التنظيم من المدينة، لكن ليس ثمة خطة سياسية واضحة، مشيرا إلى أن الحديث مع الطوائف المختلفة أظهر وجود حالة من الريبة، التي تعتبر أمراً مقلقاً. واعتبر منصور أن الوقت الراهن مثالي لحل قضايا العراق السياسية لأنه وقت توحد في العراقيون لقتال التنظيم في الموصل. وحذر محلل تشاتام هاوس من عدم إقناع العراقيين السنة بوجود بديل لتنظيم الدولة يمكنه تقديم الخدمات، ووجود خطة تضمن مشاركتهم في العملية السياسية والحكومة المركزية، فإن مجموعات مشابهة للتنظيم ستعاود الظهور مجدداً. وتشير الصحيفة إلى أنه حتى الآن لم تتضح خطط لإعطاء المحافظات السنية نوعاً من الحكم الذاتي، وكذلك خطط وضع الميزانيات التي ستقوم بإعادة الإعمار.;